قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ ﴾ ؛ معناهُ : بل يقولون : إنَّ مُحَمَّداً اختلقَ هذا القرآنَ من تِلْقَاءِ نفسهِ! قل يا مُحَمَّدُ : إن كان هو اخْتَلَقَهُ فَأْتُوا بسورةٍ من مثل " سُوَر " القرآنِ، فإنَّما قال ذلكَ ؛ لأنَّ النبيَّ ﷺ نَشَأ بين أظهُرِهم وتعلَّمَ اللغةَ منهم، فإذا لم يَأْتُوا مع حرصِهم على تكذيبهِ وإبطالِ أمره، دلَّ أنَّ مِثْلَهُ غيرُ مقدورٍ للبشرِ. ومعنى الآية : فلو قَدَرَ هو على افتراءِ القرآن لقَدرَتُم أنتم على الإتيانِ بسُورةِ مثلهِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِّن دُونِ اللَّهِ ﴾ ؛ أي استَعِينُوا على الإتيان بسورةٍ مثل القرآنِ بكلِّ مَن قدرتُم عليه، ﴿ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ ؛ أن مُحَمَّداً اخْتَلَقَهُ من تلقاءِ نفسه، فَإنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَجْرِ بأَنْ يَسْتَبدَّ إنْسَانٌ بالافْتِرَاءِ عَلَى كَلاَمٍ لاَ يَقْدِرُ أحَدٌ أنْ يَأْتِيَ بِمثْلِهِ.
فلمَّا قرأ عليهم النبيُّ ﷺ هذه الآيةَ فلم يُجيبوا، فَأنزلَ الله :
قولَهُ تعالى :﴿ بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ ﴾ ؛ أي بل كذبوا بما لم يُدرِكوا من كيفيَّة ترتيبهِ ونَظْمِهِ، وما فيه من الجنَّة والنار والبعثِ والقيامة والثواب والعقاب، ﴿ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ ﴾ ؛ أي ولَم يَأْتِهِمْ بعدُ حقيقةِ ما وُعِدُوا في الكتاب مما يَؤُولُ إليه أمرُهم من العقوبةِ والعذاب على التكذيب.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ﴾ ؛ أنبياءَهم من البعثِ، ﴿ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ﴾ ؛ يعني أنَّ عاقِبَتهم العذابُ والهلاك بتكذيبهم، كذلك يكون عاقبةُ هؤلاءِ.


الصفحة التالية
Icon