قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَمِنهُمْ مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يُبْصِرُونَ ﴾ ؛ نظرَ مَن هو في الظاهرِِ مستمعٌ إلى كلامِكَ، وطالبٌ الانتفاعَ به، وليس في الحقيقةِ كذلكَ، قوله :﴿ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ ﴾[يونس : ٤٢] أي كما لا يقدرُ أنْ يسمعَ كلامَكَ الصمُّ، فكذلك لا يقدرُ على أن ينتفع مِنْ كلامِكَ غيرَ طالبٍ الانتفاعَ به، وكما أنَّكَ لا تقدرُ على أن تُبْصِرَ العُمْيَ، فكذلك لا تقدرُ على أنْ تنفعَ بما يأتي مَن الأدلَّة مَن ينظرُ ولا يطلبُ الانتفاعَ بها. وفي الآية ما يدلُّ على تفضيلِ السَّمعِ على البصرِ ؛ لأنه تعالى ذكَرَ مع الصم فُقدان العقل، ولم يذكر مع العمَى إلا فقدانَ البصرِ.