قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ قَالُواْ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ ﴾ ؛ أي قال الكفارُ : اتَّخَذ اللهُ وَلَداً، فإن المشركين قالُوا : الملائكة بناتُ الله، واليهود قالوا : عزيرٌ ابن الله، والنصارى قالوا : المسيحُ ابن الله، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ؛ أي تَنْزِيهاً له عن الولدِ، والشَّريكِ، ﴿ هُوَ الْغَنِيُّ ﴾، هو غنيٍّ عن اتخاذِ الولد.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ ﴾ ؛ معناهُ : إنَّ مَن كان له مُلْكُ السَّموات والأرضِِ وما بينهما، فما حاجتهُ الى اتِّخاذ الولدِ؟! وإنما يتخذُ الولدَ ذو الضَّعْفِ ليتقوَّى به، ويستعِينَ به على بعضِ أمُورهِ، وذو الوَحشَةِ ليستأنسَ به، ومَن يخافُ الموتَ على نفسهِ، فيتَّخذُ الولدَ ليخلُفَهُ في أملاكهِ بعد موته، واللهُ تعالى لا يجوز عليه السُّرور ولا المنافعُ والمصارف، ولا يلحقهُ الموت، فهو غَنِيٌّ عن اتخاذِ الولد.
ثم طالبَ الكفارَ بالحجَّة والبرهان، فقال عَزَّ وَجَلَّ :﴿ إِنْ عِندَكُمْ مِّن سُلْطَانٍ بِهَـاذَآ ﴾ ؛ أي ما عنَدكم من حجَّةٍ وبرهان على هذا القولِ، ثم أنكرَ عليهم ذلك تَبْكِيتاً لهم فقال تعالى :﴿ أَتقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ ؛ وهذا على حجَّة الإنكار والردِّ عليهم ؛ أي لِمَ تقولون على اللهِ ما لاَ علمَ لكم به ولا حجَّةَ لكم عليه.


الصفحة التالية
Icon