قولهُ :﴿ وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ ﴾ ؛ أي وأمرَكم أن تطلبُوا المغفرةَ من ربكم، واجعلُوها غرَضَكم وتوصَّلوا إليها بالتوبةِ وهي الندمُ على القبيح، والعزمُ على تركِ المعاودة إليه. وَقِيْلَ : معناهُ : وإنِ استغفروا ربَّكم بالتوبةِ عما سلَفَ من ذُنوبكم، ثم توبُوا إليه عمَّا يقعُ منكم من الذنوب في المستقبلِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ يُمَتِّعْكُمْ مَّتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ﴾ ؛ ﴿ يُمَتِّعْكُمْ ﴾ جُزِمَ على جواب الأمر ؛ أي إنْ فعلتُم ذلك أنعَمَ اللهُ عليكم نِعَماً سابغةً حِسَاناً تستبقون بها إلى آجَالِكم التي قدَّرَها اللهُ لكم، فلم يستَأْصِلكم كما استأصلَ الأُمَم المكذِّبَة به قبلَكم. قال القتيبيُّ :(أصْلُ الإمْتَاعِ الإطَالَةُ) يقالُ : جبلٌ مَاتِعٌ، وقد مَتَعَ النهارُ إذا طالَ، فمعنى يُمَتِّعْكُمْ يُعَمِّرْكُمْ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ﴾ ؛ أي مَن كان ذا فَضْلٍ في دينهِ فضَّلَهُ اللهُ في الآخرةِ بالثواب على عمله. وَقِيْلَ : يعطِي كلَّ ذِي عمَلٍ صالحٍ أجرَهُ وثوابه. وقال ابنُ عبَّاس :(يُعْطِي كُلَّ مَنْ فَضَلَتْ حَسَنَاتُهُ عَلَى سَيِّئَاتِهِ فَضْلَهُ ؛ يَعْنِي الْجَنَّةَ وَهِيَ فَضْلُ اللهِ، يِعْنِي أنَّ مَنْ زَادَتْ حَسَنَاتُهُ عَلَى سَيِّئَاتِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ). وعن ابنِ مسعود قال في هذه الآيةِ :(مَنْ عَمِلَ حَسَنَةً كُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَمَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً كُتِبَتْ لَهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً، وَإنْ لَمْ يُعَاقَبْ بتِلْكَ السَّيِّئَةِ فِي الدُّنْيَا أُخِذ مِنْ عَشْرِ حَسَنَاتِهِ وَاحِدَةً وَبَقِيَتْ لَهُ تِسْعٌ) ثُمَّ قالَ :(هَلَكَ مَنْ غَلَبَتْ آحَادُهُ أعْشَارَهُ).
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَإِن تَوَلَّوْاْ ﴾ ؛ أي إنْ أعرَضُوا عنِ الإيمانِ والتوبة، ﴿ فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ ﴾ ؛ أي عظيمِ الشَّأنِ وهو يومُ القيامةِ، وإنما ذكرَ الخوفَ في هذا الموضعِ ؛ لأن الخطابَ من الرسول ﷺ، والخوفُ عليه جائزٌ. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ ؛ على إعادَتِكم.