قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ قَالَ ياقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي ﴾ ؛ أي قالَ لهم نوحُ : أخبروني إنْ كنتُ على بُرهانٍ وحُجَّة من ربي، ﴿ وَآتَانِي رَحْمَةً ﴾ ؛ نعمةً، ﴿ مِّنْ عِندِهِ ﴾ ؛ وهي النبوَّة، ﴿ فَعُمِّيَتْ ﴾ ؛ فخَفِيت، ﴿ عَلَيْكُمْ ﴾، هذه النعمةُ التي ظهرَتْ لِمَن اتَّبعوني فلم تُبصِروها لتَفاوُتِكم، ﴿ أَنُلْزِمُكُمُوهَا ﴾، أمكَنَنا أن نجعلَكم قابلين لها، ﴿ وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ ﴾ ؛ هذا مما لا يكونُ. قال قتادةُ :(وَاللهِ لَوِ اسْتَطَاعَ نَبيُّ اللهِ ألْزَمَهَا قَوْمَهُ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ ذلِكَ).
فإن قِيْلَ : فهَلاَّ قال فَعَمِيتُمْ عَنْهَا وهم الذين كانوا عموا ؟ قُلْنَا : قد بيَّنا إنه وَضع ذلك موضع : فخَفِيت عليكم، ثم لا فرقَ بين اللفظين كما لا فرقَ بين قولهم : أدخلتُ الخاتمَ في الإصبع، وأدخلتُ الإصبعَ في الخاتَم. ومن قرأ (فَعُمِّيَتْ) بضمِّ العين وتشديد الميم، فالمعنى : ألَيْسَتْ عليكم نُبُوَّتِي؟.