قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ ﴾ ؛ يعني : السفينة تجري بهم في موج كالجبال العظيمةِ، ﴿ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ ﴾ ؛ كنعان وكان كافراً، ﴿ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ ﴾ ؛ عنهُ ولَمْ يركب معه، وَقِيْلَ : معناهُ : وكان في معزلٍ من دين أبيه :﴿ يابُنَيَّ ارْكَبَ مَّعَنَا ﴾ ؛ في السّفينة بشرطِ الإيمانِ، ولذلكَ قال :﴿ وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ ﴾ ؛ إي على دِينهم فتغرَقَ معهم، وقال الحسنُ :(إنَّمَا دَعَاهُ إلى رُكُوب السَّفِينَةِ ؛ لأنَّ ابْنَهُ كَانَ يُظْهِرُ لَهُ الإيْمَانَ نِفَاقاً، وَكَانَ يَحْسَ بُهُ مُؤْمِناً).
واختلفَتِ القراءةُ في قوله ﴿ يابُنَيَّ ارْكَبَ مَّعَنَا ﴾ : قرأ بعضُهم بكسرِ الياء على الإضافة وهو الأجودُ ؛ لأن الأصلَ يا بني ثلاثُ يَاءَاتٍ، ياءُ التصغيرِ وياءُ الفعلِ وياءُ الإضافة، فحُذفت ياءُ الإضافة، وتُركت الكسرةُ دليلاً على الإضافة، وأُدغِمَت أحدى اليائَين في الأُخرى. وقرأ بعضُهم (يَا بُنَيَّ) بفتحِ الياء على أن أصلَها : يا بُنَيَّا بالألف، كما تقولُ العرب : يا غُلاَما أقْبلْ، تريدُ يا غُلامِي أقْبلْ، فتُبدَلُ الألفُ من ياءِ الإضافة على وجهِ النُّدْبَةِ والتَّفْجِيعِ، وكان الأصلُ يا بُنَيَّا ثم حُذِفت الألف لسكونِها وسكونِ الراء من قولهِ ﴿ ارْكَبَ ﴾.