قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ قِيلَ يانُوحُ اهْبِطْ بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى ﴾ ؛ قالَ اللهُ لنوحٍ : فاهبطْ من السَّفينة إلى الأرضِ بأَمْنٍ وسلامةٍ من الآفاتِ، (وَبَرَكَاتٍ) وخَيرَاتٍ ثابتة عليك وعلى الذين معك مِن المؤمنين. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ ؛ أي وأُمَمٌ سنمَتِّعُهم عليهم بعدَكَ في الدُّنيا ثم يَمسُّهم في الآخرةِ منَّا عذابٌ أليم، وهم الكافرون وأهلُ الشَّقاوةِ.
فهبطَ نوحُ ومَن معه من الجوديِّ، ولم يكن لواحدٍ منهم نَسْلٌ إلا لنوحٍ وأولادهِ، كما قالَ اللهُ تَعَالَى :﴿ وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ ﴾[الصافات : ٧٧]، وعن محمَّد بن كعبٍ قال :(دَخَلَ فِي السَّلاَمِ وَالْبَرَكَةِ كُلُّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَدَخَلَ فِي الإمْتَاعِ وَالْعَذاب كُلُّ كَافِرٍ وَكَافِرَةٍ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ). وفي الآيةِ دلالةٌ على ذلك ؛ لأن لفظَ الأُمَمِ يدلُّ على الجماعاتِ الكثيرة، ولم يكن مع نوحٍ في السفينة إلا قليلٌ.