قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً ﴾ ؛ يعني لَمَّا جاءت الملائكةُ لوطاً ساءَهُ مجيئُهم، وضاقَ بهيأتهم قلبُه ؛ فإنَّهم جاؤهُ في صورةِ الغُلمَانِ الْمُرْدِ الحِسَانِ، وكان قد عَلِمَ عادةَ قومهِ، فخافَ عليهم من صنع قومه، ﴿ وَقَالَ ﴾ ؛ في نفسِه :﴿ هَـاذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ ﴾ ؛ أي شديدٌ لازم شرُّهُ كالمعصُوب بالعُصبةِ، كأنَّهُ قال : هذا يومٌ الْتَفَّ الشرُّ فيه بالشرِّ، وأما ضِيقُ الذرْعِ فيوضعُ موضعَ ضيقٍ الصَّدر، يقال : ضاقَ فلانٌ بأمرهِ ذرْعاً إذا لم يجد من الْمَكْرَهِ في ذلك مَخْلصاً.
قِيْلَ : معناهُ : ضَاقَ بهم وسْعاً. وكان لوطُ ضاقَ وسعَهُ بهم أنْ يحفَظَهم. وفي الخبرِ : أنه جعلَهم فيما بين مَواشِيهم، فلما كان في وقتِ غفلةِ الناس حَمَلَهُم إلى دارهِ، فذهبت امرأتهُ الخبيثة وأخبرَتْهم، وقالَتْ لَهم : إنه قد نزلَ عند لُوطٍ أضيافٌ لم يُرَ قط أحسَنَ وُجوهاً منهم، ولا أطيبَ ريحاً، ولا أنظفَ ثياباً.