قْولُهُ تَعَالَى :﴿ وَجَآءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ ﴾ وذلك أنَّ امرأةَ لوط لَمَّا أخبرَتْهم بأضيافهِ، جاؤُا إلى دارهِ يُسرِعُونَ إليه، ويُهَرْوِلُونَ هَرْوَلَةً، والإهْرَاعُ : مَشْيٌ بين مِشيَتَينِ، ومِن قبلِ ذلك كانوا يعمَلون المعاصِي، وهي ما كانوا يعمَلون من الفاحشةِ مع الذُّكور، فإنَّهم كانوا يعمَلون ذلك مِن دون أن يُخَفِي بعضٌ عن بعضٍ.
﴿ قَالَ ﴾ : لَهم لوطُ عليه السلام :﴿ ياقَوْمِ هَـاؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ﴾ ؛ عَرَضَ عليهم بناتَهُ نِكَاحاً، وأظهرَ من نفسهِ في صونِهم ما لا شيءَ أبلغُ منه، أظهرَ الكرامةَ في باب الأضيافِ، فذكَرَ بناتَهُ ليدلُّ بذلك على التشديدِ في دَفعِهم عمَّا أرَادُوا. فكان يجوز في ذلك الوقتِ تزويجُ الْمُسْلِمَةِ من الكافرِ، كما كان يجوزُ في شَريعتنا في ابتداء الإسلام، فإنَّ النبيَّ ﷺ زَوَّجَ ابنتَهُ من ابنِ العاص بن الرَّبيع. ويقالُ : أرادَ بقوله ﴿ بَنَاتِي ﴾ بناتَ قومهِ ؛ لأن النبيَّ يكون للقومِ بمنْزِلة الوالدِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَاتَّقُواْ اللًّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي ﴾ ؛ أي اتَّقُوا عقابَ الله، ولا تُلزِمُونِي عَيباً في ضَيفِي، ﴿ أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ ﴾ ؛ في نفسهِ فَيَنْزَجِِرُ عن هذا الأمرِ، ويزجرُكم عنه.


الصفحة التالية
Icon