قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ ﴾ ؛ معناهُ : إذ تَسْتَغِيثُونَ أيُّها المسلمون ربَّكم حين رأيتُم قلَّة عددِكم وكثرةَ عدوِّكم، فلم يكن لكم مَفْزَعٌ إلا الدعاءُ لله وطلبُ المعونةِ منه ﴿ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ ﴾ أي أجابَكم، والاستجابةُ التَّعطِيَةُ على موافقةِ المسألةِ.
وقولهُ تعالى :﴿ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ ﴾ قال ابنٌُ عبَّاس :(كَانَ مَعَ كُلِّ مَلَكٍ مَلَكٌ فَكَانَ جُمْلَتُهُمْ ألْفَيْنِ). يقالُ : رَدَفْتُ الرَّجُلَ ؛ إذال ركبتُ خلفَهُ، وَأردَفْتُهُ إذا أركبتَهُ خلفَكَ. وقال عكرمةُ وقتادة والضحَّاك :(مَعْنَاهُ : بأَلْفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُتَتَابعِينَ يَتْبَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً)، وقد يجوزُ أن يقالَ : أرْدَفْتُ الرَّجُلَ إذا جاءَ بعدَهُ، وكذلك رَدَفَهُ. وأما قراءةُ نافع (مُرْدَفِينَ) بفتحِ الدالِ فمعناه : أرْدَفَهُمُ اللهُ بالمؤمنين، ويقال : أرْدَفْتُهُ وَرَدَفْتُهُ بمعنى تَبعْتُهُ، قال الشاعرُ : إذا الْجَوْزَاءُ أرْدَفَتِ الثُرَيَّا ظَنَنْتُ بآلِ فَاطِمَةَ الظُّنُونَاأي جاءَت بعدَها ؛ لأن الجوزاءَ تطلعُ بعدَ الثُريا.
فنَزَل جبريلُ في خَمسمائةِ مَلَكٍ على الْمَيْمَنَةِ، ونزلَ مِيكَائِيلُ في خَمسمائةِ مَلَكٍ على الْمَيْسَرَةِ في صُورَةِ الرِّجالِ عليهم ثيابٌ بيضٌ وعمائمُ بيضٌ.


الصفحة التالية
Icon