وقَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِّنَ الْقَوَاعِدِ ﴾ ؛ أي قد مَكَرَ الذين من قَبْلِ هؤلاءِ بأنبيائهم، كما مَكَرَ هؤلاء المقتَسِمون الذين اقتَسَمُوا أعقابَ مكَّة ؛ ليصُدُّوا الناسَ عن دينِ الله، فأتَى اللهُ بُنيَانَ أولئكَ مِن القواعدِ بالعذاب، ﴿ فَخَرَّ ﴾، فوقعَ، ﴿ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ ﴾ ؛ الهدمُ والاستئصالُ، ﴿ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ ﴾ ؛ بإتيانِ العذاب منهُ.
وقد اختَلفُوا في هؤلاءِ الذي خَرَّ عليهم السقفُ، قال بعضُهم : هو نَمرُودُ بن كَنعان الذي بَنَى صَرْحاً طولهُ خمسُ آلافٍ وخمسون ذِرَاعاً، وعرضهُ عرضُ ثلاثةِ آلاف وخمسون ذِرَاعاً ؛ ليصعدَ إلى السَّماءِ، فوقعَ الصرحُ على الذي كانوا فيه، وأهلَكَ اللهُ نمرودَ بالبَعُوضِ. وقال بعضُهم : هذا على وجهِ الْمَثَلِ، فكأنه جعلَ أعمالَهم بمنْزِل البَانِي بناءً سَقَطَ عليهِ.