قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ﴾ ؛ أي بعقاب معاصيهم عاجلاً، ﴿ مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا ﴾ ؛ أي على الأرضِ، ﴿ مِن دَآبَّةٍ وَلاكِن يُؤَخِّرُهُمْ ﴾ ؛ أي يُمهِلُهِم، ﴿ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ﴾ ؛ أي إلى وقتٍ ضَرَبَهُ لامهالهم، ﴿ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ ﴾ ذلكَ الوقتُ، ﴿ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ ﴾ ؛ لا يتقدَّمون ساعةً ولا يتأخَّرون.
فإن قِيْلَ : كيف قال ﴿ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ ﴾ مع عِلمنا أن في الناسِ من هو غيرُ ظالِمٍ، قيل : معناه :(ما تركَ عليها من دابَّة ظالمةٍ). وَقِيْلَ : معناهُ : ولو يؤاخِذُ الله الناسَ بظُلمِهم عَاجلاً لانقطعَ النسلُ ؛ لا أحدَ إلا وقد كان في آبائهِ وأجداده من هو ظالِمٌ.
فإن قِيْلَ : في الآية تعميمُ الناسِوالدواب في الهلاكِ ؛ فأيُّ شيء يوجبُ هلاكَ الدواب ؟ قِيْلَ : إن الدوابَّ إنما خلقَها اللهُ لمنافعِ الناس، فإذا هلكت الناس بمنع المطرِ عنهم، لم يبقَ في الأرضِ دابَّة إلا وهلَكَت، وإذا هلكَ الناسُ بوجهٍ من الوجوه لم تبقَ الدوابُّ.