قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ ﴾ ؛ منها الجبلُ الصَّلبُ، ومنها الأرضُ الْجَرُزُ التي لا يمكن النباتُ عليها إلا بالمشقَّة، ومنها الأرضُ النَّحِسَةُ، ومنها الأرض الطَّيبة، وهذه الأراضِي في ذلك متجاوراتٌ ملتزِقَةٌ، ﴿ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ ﴾ ؛ أي وبساتين من كُرُومٍ، ﴿ وَزَرْعٌ ﴾ ؛ ويجوزُ في القراءةِ (وَجَنَّاتٍ) على معنى : وجعلَ فيها جناتٍ، ومَن قرأ (وَزَرْعٌ) بالضمِّ فهو عطفٌ على القِطَعِ لأن الزرعَ لا يكون في الجنَّات، وقرأ العامَّة (وَزَرْعٍ ونَخِيلٍ) بالكسر على المجاورة.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ ﴾ ؛ أي مجتمعٌ أصولُها في أصلٍ واحد، ونخيلٌ متفرِّق أصولُها، والصِّنْوَانُ جمعُ الصِّنْوِ، ويعني الصِّنوانُ أن يكون أصلٌ واحد تخرجُ منه النَّخلتان والثلاث والأربعِ كما وردَ في الحديثِ :" عَمُّ الرَّجُلِ صِنْوُ أبيهِ ".
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ يُسْقَى بِمَآءٍ وَاحِدٍ ﴾ ؛ إما المطرُ وإما النهرُ، ﴿ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ ﴾، بعض أكُلِها أفضلُ من بعضٍ في الطَّعم حتى يكون بعضُها حُلواً، وبعضها حامضاً، وبعضها مُرّاً، والترابُ واحدٌ، وألوانُ الثمر وطعمُها مختلفة، وذلك من الدليلِ على وحدانيَّة اللهِ عَزَّ وَجلَّ ؛ لأنه الْمُحْدِثُ لها، واللهُ تعالى قَديرٌ حكيم قد أحدَثَها على علمٍ منه بها،
وقال مجاهدُ :(هَذا مِثْلُ بَنِي آدَمَ، أصْلُهُمْ تُرَابٌ وَاحِدٌ، ثُمَّ مِنْهُم صَالِحٌ وَخَبيثٌ، وَكَامِلُ الْخِلْقَةِ وَنَاقِصُ الْخِلْقَةِ، وَسَيِّءُ الْخُلُقِ)، ﴿ إِنَّ فِي ذلِكَ لآيَاتٍ ﴾ ؛ أي لعلاماتٍ دالاَّتٍ على وحدانيَّة الله ؛ ﴿ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ ؛ إنَّ في ذلك من اللهِ.