قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَجَعَلْنَا الَّيلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ ﴾ ؛ أي عَلامَتَين تدُلاَّن على قُدرةِ خالِقِهما، ﴿ فَمَحَوْنَآ آيَةَ الَّيلِ ﴾ ؛ أي ضوءَ القمَرِ، قال ابنُ عبَّاس :(أرَادَ بهِ السَّوَادَ الَّذِي فِي الْقَمَرِ، وَذلِكَ أنَّ اللهَ خَلَقَ الْقَمَرَ أوَّلَ مَا خَلَقَهُ عَلَى صُورَةِ الشَّمْسِ، وَكَانَتِ شَمْسٌ باللَّيْلِ وَشَمَسٌ بالنَّهَارِ، وَكَانَ لاَ يُعْرَفُ اللَّيْلُ مِنَ النَّهَار، فَأَمَرَ اللهُ جِبْرِيلَ فَمَسَحَ بجَنَاحَيْهِ شَمْسَ اللَّيْلَ فَذَهَبَ ضَوْءُهَا، وَبَقِيَ عَلاَمَةُ جَنَاحِهِ وَهُوَ السَّوَادُ الَّذِي يَرَوْنَهُ فِي جَوْفِ الْقَمَرِ).
وقال ابنُ عبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أيضاً :(جَعَلَ اللهُ نُورَ الشَّمْسَ سَبْعِينَ جُزْءاً، وَنُورَ الْقَمَرِ سَبْعِينَ جُزْءاً، فَأُمْحِيَ مِنْ نُور الْقَمَرِ تَسْعَةٌ وَسِتُّونَ جُزْءاً فَجَعَلَهَا مِنْ نُور الشَّمْسِ، فَصَارَ ضَوْءُ الشَّمْسِ مِائَةً وَثَلاَثِينَ جُزْءاً، وَالْقَمَرُ جُزْءاً واحداً).
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَجَعَلْنَآ آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً ﴾ ؛ وهي الشَّمسُ مُبْصِرَةً مُضِيئةً مُنِيرةً، ﴿ لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ ﴾ ؛ أي لتَسكنُوا بالليلِ، وتطلبُوا معايشَكم بالنهار، إلاَّ أنه حذفَ لتَسكنُوا بالليلِ ؛ لأنه ذكرَهُ في موضعٍ آخر، ﴿ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ﴾ ؛ أي جعَلنا ذلك لتَعلَمُوا حسابَ الشُّهور والأيَّامِ ومواقيتَ الصلاةِ والصيام والحجِّ، يعني بمَحْوِ آيةِ الليل، ﴿ وَكُلَّ شَيْءٍ ﴾ ؛ من الأمرِ والنهي والحلال والحرامِ، ﴿ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً ﴾ ؛ أي بَيَّنَّاه في القرآنِ ؛ ليكونَ أقربَ إلى معرِفَتكم، وبَيَّنَّاهُ تبييناً ؛ لئلا يلتبسَ بغِيرِهِ.