قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ﴾ ؛ أي وكُن لهما مُتضرِّعاً مُتَذلِّلاً، فإنَّ خَفْضَ الْجَنَاحِ عبارةٌ عن الخضُوعِ، والمبالغةِ في التذلُّل والتواضعِ، وعن عطاء أنه قالَ :(جَنَاحُكَ يَدُكَ، فَلاَ يَنْبَغِي لَكَ أنْ تَرْفَعَ يَدَيْكَ عِنْدَ أبَوَيْكَ، وَلاَ أنْ تُحِدَّ بَصَرَكَ عَلَيْهِمَا تَعْظِيماً لَهُمَا).
وعن عُروة بنِ الزُّبير قال :(مَا أبَرَّ وَالِدَهُ مَنْ أحَدَّ النَّظَرَ إلَيْهِ). وَقِيْلَ : خفضُ الجناحِ عبارةٌ عن السُّكون، قرأ الحسنُ وسعيد بن جبير وعاصم :(جَنَاحَ الذِّلِّ) بكسرِ الذال ؛ أي لا تَسْتَصْعِبْ معَهُما.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً ﴾ ؛ وهذا أمرٌ بالدُّعاء لهما بالرحمةِ والمغفرةِ إذا كانا مُسلِمين، والمعنى : رب ارحَمهُما مثلَ رَحمتِهما أيَّايَ في صِغَري حتى ربَّيانِي، وقال قتادةُ :(هَكَذا عُلِّمْتُمْ، بهَذا أُمِرْتُمْ).
قال ﷺ :" رضَا اللهِ مَعَ رِضَا الْوَالِدَيْنِ، وَسَخَطُ اللهِ مَعَ سَخَطِ الْوَالِدَيْنِ "، وقال ﷺ :" " مَنْ أمْسَى مَرْضِيّاً لِوَالِدَيْهِ وَأصْبَحَ، أصْبَحَ لَهُ بَابَانِ مَفْتُوحَانِ إلَى الْجَنَّةِ، وَإنْ كَانَ وَاحِداً فَوَاحِدٌ. وَمَنْ أمْسَى مُسْخِطاً لِوَالِدَيْهِ وَأصْبَحَ، أصْبَحَ لَهُ بَابَانِ مَفْتُوحَانِ إلَى النَّارِ، وَإنْ كَانَ وَاحِداً فَوَاحِدُ " فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللهِ فَإْنْ ظَلَمَاهُ ؟ قَالَ :[وَإنْ ظَلَمَاهُ ؛ وَإنْ ظَلَمَاهُ ؛ وَإنْ ظَلَمَاهُ] " ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.


الصفحة التالية
Icon