قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ ﴾ ؛ أي نحنُ أعلمُ بما يستَمعون إليه من قراءةِ القرآن، أنَّهم لماذا يستَمِعون وأنَّ قَصدَهم به الأذى دون طلب الحقِّ، فيسمعون إلى قِرَاءَتِكَ، ﴿ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى ﴾ ؛ في أمرِكَ يتَناجَوْنَ، فيقولُ بعضهم : هذا كاهنٌ، ويقول بعضُهم : هذا ساحرٌ، ويقول بعضهم : هذا مجنونٌ، ويقول بعضُهم : هذا شاعرٌ.
وَقِيْلَ : إنَّ رسولَ اللهِ ﷺ أمَرَ عَلِيّاً رضي الله عنه أنْ يتَّخِذ طَعاماً، فيدعُو إليه أشرافَ قُريش من المشركين، ففعلَ ذلكَ، ودخلَ رسولُ اللهِ ﷺ وقرأ عليهم القرآنَ، ودعاهُم إلى التوحيدِ، فكانوا يستَمِعون ويقولون فيما بينهم مُتَنَاجِينَ : هو ساحرٌ، وهو مجنون مسحورٌ.
فأخبرَ اللهُ تعالى نَبيَّهُ بذلكَ، وأنزلَ عليه ﴿ نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى ﴾ أي يتناجَون بينهم بالتكذيب والاستهزاءِ، ﴿ إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ ﴾ ؛ أي أُولئك المشرِكون :﴿ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً ﴾ أي مغلوبَ العقلِ قد سُحِرَ، وأُزيلَ عن حدِّ الاستواءِ.


الصفحة التالية
Icon