قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ ﴾ ؛ عِلْماً وقدرةً فَهُمْ في قبضتهِ لا يقدرون على الخروجِ عن مَشِيئته، وهو مانعُكَ منهم وحافظُكَ، فلا تتَهيَّب وتخافُ منهم، وامْضِ بما أُمِرْتَ به من تبليغِ الرِّسالةِ، وقال مقاتلُ :(مَعْنَاهُ : أحَاطَ بالنَّاسِ ؛ أيْ أهْلَ مَكَّةَ أَنَّهَا سَتُفْتَحُ لَكَ).
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَمَا جَعَلْنَا الرُّءْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ ﴾ ؛ قال أكثرُ المفسِّرين : يعني ما ذُكِرَ في أوَّلِ هذه السُّورة من الإسراءِ في ليلةٍ واحدة من المسجدِ الحرام إلى المسجدِ الأقصَى على معنى أنَّها شدَّةٌ من التكليفِ، كما رُوي أنَّ المشركين استعظَمُوا ذلك وكذبوهُ، فيكون معنى الرُّؤيا رؤيةَ العينِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ ﴾ ؛ أي وما جعَلنا الشجرةَ الملعونةَ إلاَّ فتنةً للناس، والشجرةُ الْمَلْعُونَةُ : شجرةُ الزَّقُّومِ، يقولُ العرب : لكُلِّ طعامٍ منارٌ معلوم، وسَمَّوها فتنةً ؛ لأنَّهم قالوا : إنَّ النارَ تأكلُ الشجرةَ، فكيف تنبتُ الشجرة في النارِ؟!
وقال ابن الزُّبْعَرَى :(مَا نَعْلَمُ الزَّقُّومَ إلاَّ التَّمْرَ وَالزَّبَدَ) فَهَذا الْكَلاَمُ مِنْهُمْ هُوَ فِتْنَتُهُمْ ؛ أيْ فُتِنُواْ بذلِكَ. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً ﴾ ؛ أي نُخوِّفُهم بما نُرسِلُ الآياتِ، فما يزدادون إلا تَجاوُزاً عن الحدِّ.


الصفحة التالية
Icon