قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً ﴾ ؛ أي لا يبطلُ ثوابُ من أخلصَ للهِ، ويجوزُ أن يكون معناهُ : إنا لا نضيعُ أجرَ مَن أحسنَ منهم، بل يجازيهم.
ثُم ذكرَ جَزَاءَهُمُ فقالَ :﴿ أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ ﴾ ؛ أي بساتينُ إقامةٍ، وقد ذكرَنا صفات جنَّات عَدْنٍ. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ ﴾ ؛ أي يُلْبَسُونَ في الجِنَانِ ذلك.
قال الزجَّاج :(أسَاوِرُ : جَمْعُ أسْوِرَةٍ، وَأسْوِرَةٌ جَمْعُ سِوَارٍ) ؛ وَهُوَ زيْنَةٌ يُلْبَسُ فِي الزَّنْدِ مِنَ الْيَدِ، مِنْ زيْنَةَ الْمُلُوكِ يُسَوُّرُ فِي الْيَدِ وَيُتَوَّجُ عَلَى الرَّأسِ. قال ابنُ جبير :(عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثَلاَثَةٌ مِنَ الأَسَاوِر، وَاحِدٌ مِنْ فِضَّةٍ وَوَاحِدٌ مِنْ ذهَبٍ وَوَاحِدٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَيَاقُوتٍ).
وعن النبيِّ ﷺ أنهُ قال :" لَوْ أنَّ أدْنَى أهْلِ الْجَنَّةِ حِلْيَةً عُدِلَتْ حِلْيَتُهُ بحِلْيَةِ أهْلِ الدُّنْيَا جَمِيْعِهَا لَكَانَ مَا يُحَلِّيهْ اللهُ بهِ فِي الآخِرَةِ أفْضَلَ مِنْ حِلْيَةً أهْلِ الدُّنْياَ جَمِيْعِهَا ".
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ ﴾ ؛ الْخُضَرُ : جمعُ أخضرَ، وهو أحسنُ ما يكون من الثِّياب، والسُّنْدُسُ : الدِّيْبَاجُ الرقيقُ الفاخر، وَقِيْلَ : هو الحريرُ ؛ وواحدُ السُّندس سُنْدُسَةٌ، والاسْتَبْرَقُ الدِّيباجُ الغليظُ الذي له بريقٌ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا ﴾ ؛ أي في الجِنَانِ ؛ ﴿ عَلَى الأَرَآئِكِ ﴾ ؛ أي على السُّرُرِ في الْحِجَالِ وهي من ذهَبٍ مكَلَّلٍ بالدُّرِّ والياقوتِ ؛ ﴿ نِعْمَ الثَّوَابُ ﴾ ؛ جزاءُ أعمالِهم ؛ ﴿ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً ﴾ ؛ أي مُتَّكَأً.