قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئاً ﴾ ؛ أي كِلاَ البساتين أخرجَتْ ثَمرها ولَم تنقُصْ منه شيئاً كأنْ ما أن يذهبُ صنفٌ من الثمار إلاّ أثْمرَ صنفٌ آخر، وإنَّما قال : آتَتْ ؛ ولَم يقل آتَتَا ؛ لأن المعنى أعطَتْ كلُّ واحدةٍ من الجنَّتين، ولفظُ كِلْتَا واحدةٌ ؛ لأن الألِفَ في كلتا ليسَتْ ألِفَ تثنيةٍ، كأنه قالَ : كلُّ واحدةٍ منهُما آتَتْ أكُلها.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَراً ﴾ ؛ أي فجَّرنا وسطَ البساتين نَهراً نَسقيها، ﴿ وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ ﴾ ؛ أي كان لِهذا الكافرِ ذهبٌ وفضة ومن كل المال، وقيل : من قرأ :(ثُمُرٌ) بضم الثاء، فمعناه صنوف من الأموال : الذهب والفضة وغيرهما، يقالُ : أثْمَرَ الرجلُ إذا كَثُرَ مالهُ. ومن قرأ بنصب الثَّاء كان معناهُ ثَمرة البساتينِ، والأولُ هو الأقربُ لأن قولَهُ ﴿ كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا ﴾ يدلُّ على الثِّمار، فاقتضَى أن يكون الثمرُ غير ذلك.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ ﴾ ؛ أي لأخيهِ المسلم ؛ ﴿ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ ﴾ ؛ أي يراجعهُ بالكلامِ ويفاخرهُ :﴿ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً ﴾ ؛ يعني خَدَماً وحَشَماً وولداً، يتطاولُ بذلك على أخيهِ، ورأى تلك النعمةَ مِن قِبَلِ نفسهِ لا من قِبَلِ اللهِ.


الصفحة التالية
Icon