قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ ﴾ ؛ أي في القريةِ المذكورة، وكان اسمُ اليتيمين : أصْرَماً وَصَرِيْماً، ﴿ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا ﴾ ؛ قِيْلَ : إنه كان مَالاً، وَقِيْلَ : كان عِلماً.
وعن ابنِ عبَّاس :(أنه كانَ لَوحاً من ذهبٍ وفيه : بسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ ؛ لاَ إلَهَ إلاّ اللهُ ؛ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، عَجِبْتُ لِمن أيقنَ بالموتِ كيف يفرحُ، ولِمن أيقنَ بالنارِ كيف يضحكُ، وعجبْتُ لِمن أيقنَ بالقَدَر كيف يحزنُ، وعجبتُ لِمن يرى الدُّنيا وتقلُّبَها بأهلِها كيف يطمئنُّ إليها). وَقِيْلَ : كان ذهباً وفضَّةً.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً ﴾ ؛ أي كان ذا أمانةٍ، كان يقالُ له : كاشح، وَقِيْلَ : إنه مِن الأنبياءِ. قال سعيدُ بن جُبير عن ابنِ عبَّاس :(حُفِظا بصَلاَحِ أبيهِمَا وَلَمْ يَذْكُرْ مِنْهُمَا صَلاَحاً). قال جعفرُ بن محمَّد :(كَانَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الأَب الصَّالِحِ سَبْعَةُ آبَاءٍ).
وعن محمَّد بنِ المنكدرِ قال :(إنَّ اللهَ تَعَالَى لَيَحْفَظُ بالرَّجُلِ الصَّالِحِ وَلَدَهُ وَوَلَدَ وَلَدِهِ وَأهْلَ دُوَيْرَتِهِ، وَأهْلَ دُوَيْرَاتٍ حَوْلَهُ وَأُسْرَتِهِ الَّتِي هُوَ فِيْهَا، فَمَا يَزَالُونَ فِي حِفْظِ اللهِ مَا دَامَ فِيْهِمْ).
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا ﴾ ؛ أي فأرادَ ربُّكَ بالأمرِ تسويةِ الجدار إلى أن يَكْبُرَا ويعقلاَ، ﴿ وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً ﴾ ؛ أي نعمةً ؛ ﴿ مِّن رَّبِّكَ ﴾ ؛ وهذا نُصِبَ على المصدريَّة ؛ أي رَحِمَهما اللهُ بذلك رحمةً.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ﴾ ؛ وإنَّما فعلتهُ بأمرِ الله تعالى، ﴿ ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِـع عَّلَيْهِ صَبْراً ﴾ ؛ وأصلهُ تَسْتَطِعْ ؛ إلاّ أن الطاءَ والتاء من مخرجٍ واحد، فحذفَ التاء لَمَّا اجتمعا لتخفيفِ اللفظ.
وروَي أن الخضرَ لَمَّا أرادَ أن يُفارقَ موسى أوصاهُ، قال يا موسَى : أفْرِغ عن اللَّجَاجَةِ ولا تَمشِ في غيرِ حاجة، ولا تضحَكْ من غير عجبٍ، ولا تعيِّرِ المذنبين بخطاياهم، وابْكِ على خطيئتك يا ابنَ عمرانَ.


الصفحة التالية
Icon