قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ﴾ ؛ أي أشارَتْ إلى عيسَى عليه السلام وهو يرضعُ بأن كَلِّمُوهُ، فَعَجِبُوا مِن ذلك و ﴿ قَالُواْ كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً ﴾ ؛ أي في الْحِجْرِ رضيعاً، والْمَهْدُ هَهُنَا حِجْرُ أُمِّهِ، وَقِيْلَ : هو الْمَهْدُ بعينهِ. قال أبو عبيدةَ :(كَانَ هَهُنَا زَائِدَةٌ لاَ مَعْنَى لَهَا). والمعنى كيفَ نُكَلِّمُ صبياً في المهدِ، ويجوزُ أن تكون (مَنْ) في موضعِ الشَّرط والجزاء، والمعنى مَن يكن في المهدِ صبيّاً فكيفَ نُكَلِّمُهُ، والماضي بمعنى المستقبل في باب الجزاء، ويجوزُ أن يكون (صَبيّاً) نُصِبَ على الحالِ ؛ أي كيفَ نُكَلِّمُ مَن في المهدِ صبياً ؛ أي في هذه الحالةِ.
قال السديُّ :(فَلَمَّا أشَارَتْ إلَى عِيْسَى عليه السلام غَضِبُوا وَقَالُواْ : لَسُخْرِيَتُهَا بنَا أشَدُّ مِنْ زنَاهَا. فَلَمَّا سَمِعَ عِيْسَى كَلاَمَهُمْ، تَرَكَ الرِّضَاعَ وَأقْبَلَ بوَجْهِهِ عَلَيْهِمْ وَ ﴿ قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ ﴾ ؛ يعنِي علَّمَني التوراةَ والزبورَ. وقال مقاتلُ :(عَلَّمَهُ اللهُ الإنْجِيْلَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ) ﴿ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً ﴾ ؛ أي حَكَمَ لِي بالنبوَّةِ في ما مضَى.