قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ ﴾ ؛ أي في توحيدِ الله شَكٌ، وهذا إنكارٌ من الرسُل عليهم ؛ أي لا شكَّ في توحيدِ الله، ﴿ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾ ؛ أي خالِقِهما فكيف يشُكُّون فيه ودلائلُ وحدانيَّته ظاهرةٌ، ﴿ يَدْعُوكُمْ ﴾ ؛ إلى دينهِ، ﴿ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ ﴾ ؛ في الجاهليَّةِ، ﴿ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَـمًّـى ﴾ ؛ منتهَى آجَالِكم، فلا يعذِّبُكم بعذاب الاستئصال.
وأما دخولُ (مِنْ) في قولهِ ﴿ مِّن ذُنُوبِكُمْ ﴾ فيجوزُ أن تكون للجنسِ، كما في قوله﴿ فَاجْتَنِبُواْ الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ ﴾[الحج : ٣٠]، ويجوزُ أن تكون للتبعيضِ ؛ أي ليغفرَ لكم بعضَ ذُنوبكم، فادْعُوا اللهَ وارغَبُوا إليه في مغفرةِ الذُّنوب كلِّها.
قولهُ :﴿ قَالُواْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا ﴾ ؛ أي قالت الأُمَمُ لرُسُلِهم : هل أنتم إلاّ آدميُّون مثلُنا لا فضلَ لكم علينا، ﴿ تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا ﴾ ؛ تَمْنَعُونَا، ﴿ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا ﴾ ؛ من الأصنامِ، ﴿ فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ﴾ ؛ فَأْتُوا بحجَّة واضحةٍ بيِّنة، يعنون الآياتِ التي كانوا يقتَرحونَها على أنبيائهم.