قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيَّاً ﴾ ؛ اسمُ ادريسَ أخْنُوخَ، وهو جدُّ أبي نوحٍ، وسُمي إدريس لكثرةِ دَرْسِه الكتبَ، وكان خَيَّاطاً وهو أولُ من خطَّ بالقلمِ، وهو أولُ من خاطَ الثيابَ ولبس المخيطَ، وأولُ من نَظرَ في علمِ النُّجوم والحساب.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيَّاً ﴾ أنزلت عليه ثلاثونَ صحيفةً، وهو أولُ من لَبسَ القطنَ، وكانوا قَبْلَ ذلك يلبسونَ جلود الضَّأْنِ. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً ﴾ رُوي عن أنسِ بن مالك، وأبي سعيدٍ الخدريِّ ومجاهد :(أنَّهُ رُفِعَ ألَى السَّمَاءِ الرَّابعَةِ)، وقال ابنُ عبَّاس والضحَّاك :(إلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ). وَقِيْلَ : معناهُ : ورفعناهُ في العلمِ والنبوَّة إلى درجةٍ عالية. وروي أنَّ النبيَّ ﷺ قال :" لَمَّا عُرِجَ بي رَأيْتُ إدْريْسَ فِي السَّمَاءِ الرَّابعَةِ ".
وكان سببُ رفعهِ على قولِ ابنِ عبَّاس :(أنهُ سارَ ذات يومٍ في حاجتهِ فأصابَهُ وَهَجُ الشمسِ، فقال : يا رب إنِّي مشيتُ يوماً واحداً، فكيفَ بمن حملَها خمسمائةَ عامٍ في يوم واحد، اللَّهُمَّ خَفِّفْ عنهُ مِن ثقلِها واحمِلْ عنهُ حرَّها، فلما أصبحَ الملكُ الْمُوَكَّلُ بها وجدَ خِفَّةً في حرِّها بخلافِ ما يعرفُ، فقالَ : يا رب ما الذي قضيتَ ؟ فقال : إنَّ عبدي إدريسَ سألَني أن أخفِّفَ عنكَ حملَها وحرَّها فأجبتهُ، فقال : يا رب اجْمَعْ بيني وبينَهُ صبحةً فأذِنَ له حتى أتَى إلى إدريسَ، فسألَهُ عن ذلك فأخبرَهُ أنه دعا له شفقةً عليهِ، ثُم حملَهُ مَلَكُ الشمسِ على جناحهِ، ورفعه إلى السَّماء بإذنِ الله تعالى).