قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ ﴾ ؛ أي مُسرِعين نحوَ البلاءِ الذي ينْزِلُ بهم، والإهْطَاعُ : الإسْرَاعُ، وقال مجاهدُ :(مُهْطِعينَ ؛ أيْ مُدِيْمِينَ النَّظَرَ)، قال الخليلُ :(الْمُهْطِعُ : الَّذِي قَدْ أقْبَلَ عَلَى الشَّيْءِ بنَظَرِهِ وَلاَ يَرْفَعُ عَيْنَيْهِ عَنْهُ). قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ ﴾ أي رَافِعي رؤوسِهم إلى يَرَون في السَّماء من الانفطار، وانتشار الكواكب، وتكويرِ الشَّمس ونحوِ ذلك.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ ﴾ ؛ أي لا يُغمِضُونَ أعْيُنهم من الهولِ والفزَعِ، وقولهُ تعالى :﴿ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ ﴾ أي قلوبُهم خاليةٌ من خيرٍ، وَقِيْلَ : مجوَّفَةٌ لا عقولَ فيها، قال السديُّ :(هَوَتْ أفْئِدَتُهُمْ بَيْنَ مَوْضِعِهَا وَبَيْنَ الْحِنْجَرَةِ، فَلاَ هِيَ عَائِدَةٌ إلَى مَوْضِعِهَا، وَلاَ هِيَ خَارجَةٌ مِنْهَا).
ثم عادَ إلى خطاب النبيِّ ﷺ فقال :﴿ وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ ﴾ أي أعلِمْهُم بموضعِ المخافة يوم يأتيهم العذابُ وهو يومُ القيامةِ ؛ ﴿ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ ﴾ ؛ أي الكفارُ :﴿ رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ ﴾ ؛ أعِدْنَا إلى حالِ التكليف، ﴿ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ ﴾ ؛ واستَمْهَلوا مدَّةً يسيرةً كي يُجيبوا الدعوةَ ويتَّبعُوا الرسُلَ، فقَالَ اللهُ تَعَالَى :﴿ أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُمْ مِّن قَبْلُ ﴾ ؛ أي حَلَفْتُمْ مِن قبلِ هذا في الدُّنيا، ﴿ مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ ﴾ ؛ من الدُّنيا الى الآخرةِ كما قَالَ اللهُ تَعَالَى :﴿ وَأَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لاَ يَبْعَثُ اللَّهُ مَن يَمُوتُ ﴾[النحل : ٣٨].


الصفحة التالية
Icon