قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً ﴾ ؛ وهي منازلُ الشَّمسِ والقمر والكواكب التِّسعة، وهي اثنَا عسرَ بُرجاً : أوَّلُها الْحَمَلُ والثورُ إلى آخرها. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ ﴾ ؛ أي زيَّنا السماءَ بالكواكب للناظِرين إليها. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ ﴾ ؛ أي حَفِظْنَا السماءَ أن يدخُلَ فيها شيطانُ يمكنه الاستماعُ إلى كلامِ الملائكة.
قال ابنُ عبَّاس :(كَانَتِ الشَّيَاطِينُ لاَ تُحْجَبُ عَنِ السَّمَوَاتِ كُلِّهَا، وَكَانُواْ يَقْعُدُونَ فِي السَّمَاءِ مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ، فَيَسْتَمِعُونَ إلى مَا هُوَ كَائِنٌ فِي الأَرْضِ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ، فَيَنْزِلُونَ بهِ عَلَى كَهَنَتِهِمْ، فَيَتَكَلَّمُ بهِ الْكَهَنَةُ لِلنَّاسِ، حَتَّى بُعِثَ عِيسَى عليه السلام فَمُنِعُواْ مِنْ ثَلاَثِ سَمَوَاتٍ، وَكَانُوا يَصْعَدُونَ إلَى أرْبَعِ سَمَوَاتٍ إلَى أنْ بَعَثَ اللهُ النَّبِيَّ ﷺ، فَمُنِعُواْ مِنَ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ، وَحُرِسَتِ السَّمَاءُ بالنُّجُومِ وَالْمَلاَئِكَةِ، فَمَا مِنْهُمْ أحَدٌ يُرِيدُ اسْتِرَاقَ السَّمْعِ إلاَّ رُمِيَ بشِهَابٍ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَأْتِي عَلَى نَفْسِهِ، وَمِنْهُمُ مَنْ يَخْبَلُ). فذلك قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ ﴾ ؛ أي نجمٌ مُضِيءٌ حارٌّ يتوقدُ لا يخطؤهُ، والشِّهَابُ : هو الكوكبُ الْمُنْقَضُّ.