قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ ﴾ ؛ أرادَ بالحقِّ القُرْآنَ، وبالباطلِ الكُفْرَ، وَقِيْلَ : معناهُ : دَعْ ذاكَ الذي قالوا فإنه كذبٌ وباطل، بل نَقْذِفُ بالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ من كذِبهم، ﴿ فَيَدْمَغُهُ ﴾ أي فيُهْلِكُهُ ويذهِبهُ، ﴿ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ﴾ ؛ أي زائلٌ ذاهب، والمعنى : إنَّا نُبْطِلُ كذِبَهم مما تبيَّن من الحقِّ حتى يضمحلَّ ويذهبَ، ثم أوعَدَهم على قولِهم فقال :﴿ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ﴾ ؛ أي لكم العذابُ مما تصفونَ اللهَ تعالى به من الصَّاحبة والولدِ.
ثُم بيَّن أن جميعَ الخلقِ عبيدهُ، فقالَ :﴿ وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾ ؛ عَبيداً وملكاً، ﴿ وَمَنْ عِنْدَهُ ﴾ ؛ يعني الملائكةَ، ﴿ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ ﴾ ؛ قال الزجَّاج :(إنَّ الَّذِيْنَ ذكَرْتُمُوهُمْ بأَنَّهُمْ أوْلاَدُ اللهِ هُمْ عِبَادُهُ وَلاَ يَأْنَفُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ، وَلاَ يَتَعَظَّمُونَ عَنْهَا)، ﴿ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ ﴾ ؛ أي ينقَطِعون عن العبادة من الإعيَاءِ والتَّعب، مِن قولِهم : بَعِيْرٌ حَسِيْرٌ اذا أعْيَا وقام.