قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ ﴾ ؛ رويَ أنّ هذا نَزَلَ جواباً لقولِ الكفَّار : ننتظرُ بمُحَمَّدٍ ريبَ المنونِ فنستريحُ منه، والمعنى : وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ البقاءَ الدائم ؛ يعني أن سَبيْلَهُ سبيلَ من مضى مِن بني آدم في الموت، ﴿ أَفَإِنْ مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ﴾ ؛ يعني مشركي مكةَ لَمَّا قالوا : نتربصُ بمُحَمَّدٍ ريبَ المنون، ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ ﴾، فقيلَ لَهم : إنْ ماتَ فأنتم أيضاً تَموتون ؛ لأن كلَّ نفسٍ ذائقةُ الموتِ.
قالت عائشةُ :(اسْتَأْذنَ أبُو بَكْرٍ رضي الله عنه عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَقَدْ مَاتَ وَأُسْجِيَ عَلَيْهِ الثَّوْبُ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ وَوَضَعَ فَمَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى صَدْغَيْهِ وَقَالَ : وَا نَبيَّاهُ ؛ وَا خَلِيْلاَهُ ؛ وَا صَفِيَّاهُ، صَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ ﴿ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ * كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ ﴾ ).
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ﴾ ؛ أي نَبْلُوكُمْ بالشدَّة والرَّخاء ؛ والمرضِ والعافيةِ ؛ والفقر والغنَى، كلاهُما ابتلاءٌ من الله، وتشديدٍ في التَّعَبُّدِ ؛ ليظهرَ شكرُهم فيما يُحبُّون، وصبرُهم فيما يكرهون ﴿ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ ؛ للجزاءِ.