قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً ﴾ ؛ أي نضعُ الموازينَ ذواتِ القسط لأهلِ يوم القيامة. قال الحسنُ :(هِيَ مِيْزَانٌ لَهُ كَفَّتَانِ وَلِسَانٌ، لاَ يُوزَنُ فِيْهَا غَيْرُ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، يُجَاءُ بالْحَسَنَاتِ فِي أحْسَنِ صُورَةٍ، وَبالسَّيِّئَاتِ فِي أقْبَحِ صُورَةٍ، فَلاُ يُنْقَصُ مِنْ حَسَنَاتٍ أحَدٍ، وَلاَ يُزَادُ فِي سَيِّئَاتِ أحَدٍ). وقال مجاهدُ :(هَذا مَثَلٌ، وَإنَّمَا أرَادَ بالْمِيْزَانِ الْعَدْلَ).
ويروى : أنَّ داودَ عليه السلام سألَ رَبَّهُ أن يُرِيَهُ الميزانَ، فلما رآهُ غَشِيَ عليهِ ثُم أفاقَ، فقال : إلَهِي مَن الذي يقدرُ أنْ يَملأ كفَّته حسناتٍ ؟ فقالَ : يا داودُ إنِّي إذا رضيتُ عن عبدي ملأتُهما بتمرةٍ. ويقالُ : إنَّما يُوزنُ خاتِمَةَ العملِ، فمَن كان خاتِمةُ عملهِ خيراً، جُوزيَ بخيرٍ، ومَن كان شرّاً جُوزيَ بشَرٍّ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ﴾ ؛ وإن كان العملُ الذي عَمِلَهُ وزنَ حبَّة من خَرْدَلٍ أتَيْنَا بهَا للجزاءِ، وَقِيْلَ : معناهُ : وإنْ كان الظلامةُ مثقالَ حبَّة من خردلٍ أحضرناها للمجازاة حتى لا يبقى لأحدٍ عند أحدٍ ظلامةٌ.
قرأ أهلُ المدينةِ (مِثْقَالُ) بالرفع على (إنْ كَانَ) بمعنى وَقَعَ لا خبرَ لَها، وقرأ العامةُ بالنصب على معنى وإن كانَ ذلك الشيءُ، ومثلهُ في لقمان. قوله تعالى :﴿ وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ ؛ أي مُحْفِظِيْنَ، وَقِيْلَ : حافِظِين ؛ لأن مَن حَسَبَ شيئاً عَلِمَهُ وحَفِظَهُ.