قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَآءِ ﴾ ؛ الآيةُ، معناهُ : مَن كان يظنُّ أن لن يَنْصُرَ اللهُ مُحَمَّداً ﷺ فليطلُبْ سَبَباً يصلُ به إلى السماءَ، ﴿ ثُمَّ لْيَقْطَعْ ﴾ ؛ نصرةَ اللهِ لِنَبيِّهِ مُحَمَّداً ﷺ، ﴿ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ﴾ ؛ أي يَتَهَيَّأُ له الوصولُ إلى السَّماء بحيلةٍ، فكما لا يُمكنه أن يحتالَ في الوصولِ إلى السَّماء، كذا لا يُمكنه الحيلةُ في قطعِ نَصْرِ اللهِ تعالى للنبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَقِيْلَ : معناهُ : مَن كان يظنُّ أن لن يَنْصُرَ اللهُ النبيَّ ﷺ حتى يظهرَ على الدِّين، فَلْيَمُتْ غَيْظاً. وَقِيْلَ : إن الْهَاءَ راجعةٌ إلى ﴿ مَن كَانَ يَظُنُّ ﴾ كأنه قال : مَنْ كان يظنُّ أن لن يرزقَهُ اللهُ فليَمْدُدْ بحبلٍ إلى سقف بيتهِ وأضفَى ذلك على حَلْقهِ مُخنِقاً نفَسَهُ ليذهب غيظُ نفسهِ.
وهذا مَثَلٌ ضُرِبَ لِهذا الجاهلِ ؛ أي مِثْلُ هذا الذي يظنُّ أن لن يرزقَهُ اللهُ على سبيل السَّخَطِ مثلُ مَن فعلَ هذا الفِعْلَ بنفسهِ، هل كان ذلكَ إلا زائداً في ثلاثةٍ ؟ وهل تذهبُ حقيقة نفسه غَيْظَهُ في رزقهِ ؟ وإنَّما ذكَرَ النُّصْرَةَ بمعنى الرِّزق ؛ لأن العربَ تقولُ : مَن يَنْصُرُنِي نَصَرَهُ اللهُ ؛ أي مَن يُعطيني أعطاهُ الله. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ مَا يَغِيظُ ﴾ ؛ (مَا) بمعنى المصدر ؛ أي هل يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ وحيلتهُ غَيْظَةُ.