قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ كُلَّمَآ أَرَادُواْ أَن يَخْرُجُواْ مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُواْ فِيهَا ﴾ ؛ أي كلما رَفَعَتْهُمُ النارُ بلَهَبهَا فحَاولُوا الخروجَ منها في غَمِّ العذاب أُعِيْدُوا في النارِ بضرب الْمَقَامِعِ، وَقِيْلَ لَهم :﴿ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ ﴾ ؛ أي الْمُحْرِقِ مثل الأَلِيْمِ بمعنى الْمُؤْلِمِ. " وعن رسولِ الله ﷺ أنه قالَ في قولهِ تعالى ﴿ وَلَهُمْ مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ ﴾ [الحج : ٢١] قال :" لَوْ وُضِعَ مَقْمَعٌ مِنْ حَدِيْدٍ عَلَى الأَرْضِ، ثُمَّ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الثَّقَلاَنِ مَا رَفَعُوهُ مِنَ الأَرْضِ ".
ثم ذكَرَ اللهُ الخصمَ الآخر فقال :﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً ﴾ ؛ قد تقدَّمَ تفسيرهُ في سورةِ الكهف.
قرأ أهلُ المدينة وعاصم :(وَلُؤْلُؤاً) بالنصب على معنى (يُحَلَّوْنَ فِيْهَا لُؤْلُؤاً)، ومَن قرأ بالخفضِ كان المعنى (يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أسَاوِرَ مِنْ لُؤْلُؤٍ).
وقولهُ تعالى :﴿ وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ﴾ ؛ ظاهرُ المرادِ. قال أبو سعيدٍ الخدريُّ :" مَنْ لَبسَ الْحَرِيْرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الآخِرَةِ، وَإنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ لَبسَهُ أهْلُ الْجَنَّةِ وَلَمْ يَلْبَسْهُ هُوَ "


الصفحة التالية
Icon