قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيةِ رَبِّهِمْ مُّشْفِقُونَ ﴾ ؛ أي حَذِرُونَ من عذابهِ، والإشْفَاقُ هو الخوفُ، يقالُ : أنا مُشْفِقٌ مِن هذا الأمرِ ؛ أي خائفٌ، ﴿ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبَّهِمْ يُؤْمِنُونَ ﴾ ؛ أي يصدِّقون بالقُرْآنِ أنه مِن عندِ الله، ﴿ وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لاَ يُشْرِكُونَ ﴾ ؛ معهُ غيرَهُ، ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ آتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ ؛ أي والذينَ يتصدَّقون بالأموالِ، ويعملون ما عَمِلُوا من الصَّالحاتِ، وقلوبُهم فَزِعَةٌ خائفةٌ أن لا يُقْبَلَ منهم ذلكَ. قال مجاهدُ :(الْمُؤْمِنُ يُنْفِقُ مَالَهُ وَقَلْبُهُ وَجِلٌ).
" وعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ؛ قالت : سَألْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ عَنْ قَوْلِهِ ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ آتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾، فَقَالَ :" لاَ يَا ابْنَةَ الصِّدِّيْقِ، الَّذِيْنَ يَصُومُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ وَيَخَافُونَ أنْ لاَ تُقْبَلَ مِنْهُمْ، وَيُصَلُّونَ وَيَعْرِفُونَ ألاَّ تُقْبَلَ مِنْهُمْ، وَيَتَصَدَّقُونَ وَيَعْرِفُونَ ألاَّ تُقْبَلَ مِنْهُمْ ". وقال الحسنُ :(وَالَّذِيْنَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا ؛ أيْ يَعْمَلُونَ مَا عَمِلُواْ مِنَ الْبرِّ وَهُمْ يَرَوْنَ أنَّ ذلِكَ لاَ يُنْجِيْهمْ مِنْ عَذاب اللهِ)، قال الزجَّاجُ :(وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴿ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ﴾ ؛ أي لأنَّهم يوقنونَ برجوعِهم إلى اللهِ.


الصفحة التالية
Icon