قولهُ :﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُواْ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ﴾ ؛ انتصبَ (قَوْلُ) على خبرِ كانَ، واسْمُها ﴿ أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ﴾.
وذلك أن عَلِيّاً رضي الله عنه بَاعَ مِنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه أرْضاً بالْمَدِيْنَةِ لاَ يَنَالُهَا الْمَاءُ، فَجَاءَ قَوْمٌ عُثْمَانَ فَنَدَّمُواْ عُثْمَانَ عَلَى مَا صَنَعَ وَقَالُواْ لَهُ : لاَ تَذْهَبْ فِي خُصُومَتِكَ مَعَ عَلِيٍّ إلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ فَإنَّهُ يَحْكُمُ لَهُ! فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُمْ عُثْمَانُ، وَتَحَاكَمَا إلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَقَضَى لِعَلِيٍّ رضي الله عنه، فَأَبَى قَوْمُ عُثْمَانَ أنْ يَرْضُواْ بقَضَائِهِ، فَقَالَ عُثْمَانُ رضي الله عنه :﴿ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ﴾ أي سَمعنا قولكَ يا رسولَ اللهِ وأطَعْنا أمرَكَ ورضينا بحُكمِكَ وقضائِكَ، وإنْ كان ذلك فيما يكرهونَهُ ويضرُّ بهم. وقولهُ تعالى :﴿ وَأُوْلَـائِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ ؛ يعني الرَّاضِينَ بقضاءِ الله ورسوله.
فلما نزلَتْ هذه الآيةُ أقْبَلَ عثمانُ إلى رسولِ الله ﷺ فقالَ :(يَا رَسُولَ اللهِ ؛ وَاللهِ لَئِنْ شِئْتَ لأَخْرُجَنَّ مِنْ أرْضِي كُلِّهَا الَّتِي أمْلِكُهَا وَأدْفَعُهَا إلَيْهِ) فأنزلَ اللهُ تعالى :﴿ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ ﴾ ؛ معناهُ : ومَن يُطِعِ اللهَ ورسولَهُ فيما ساءَهُ وسرَّهُ ويخشَ الله فيما مضى من ذنوبهِ ويتَّقِ اللهَ فيما بعدُ فلم يَعْصِ اللهَ، ﴿ فَأُوْلَـائِكَ هُمُ الْفَآئِزُون ﴾، برضَى الله وحسناتهِ.


الصفحة التالية
Icon