قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ﴾ ؛ نزلت هذه الآيةُ في أصحاب رسول الله ﷺ ؛ أقَامُوا بمَكَّةَ مدَّةً قبلَ الهجرةِ لا يُمكِنُهم إظهارُ الإسلامِ، ولا أُذِنَ لَهم في القتالِ، وكذلك بعدَما هاجَرُوا إلى المدينةِ وَآوَتْهُمُ الأنصارُ، رَمَتْهُمُ العربُ عن قوسٍ واحدة، وكانوا لا يَبيْتُونَ إلاّ مع السِّلاحِ ولا يُصبحُونَ إلاَّ فيه.
فجاءَ رجلٌ إلى رسولِ الله ﷺ، فقالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ؛ أهَكَذا جَالَدتَّنَا أبَداً ؟ فأنزلَ اللهُ هذه الآيةَ ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ ﴾ أي لَيُبَوِّأَنَّهُمْ أرضَ المشركين من العرب والعَجَمِ كما استخلفَ بني اسرائيلَ بأرضِ مِصْرَ والشَّام بعدَ إهلاكِ الجبابرة بأَنْ أورَثَهم أرضَهم وديارَهم وجعلهم سُكَّاناً ومُلُوكاً.
وقولهُ تعالى :﴿ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ ﴾ ؛ أي ولِيُوَسِّعَ لَهم البلادَ حتى يَملكُوها ويُظْهِرَ دِينَهم على جميعِ الأديانِ، ﴿ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ﴾ ؛ وقولهُ تعالى :﴿ يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً ﴾ ؛ يجوزُ أن يكون في موضعِ نصبٍ على الحال ؛ أي لأَفْعَلَنَّ ذلك في حالِ عِبَادتِهم.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُوْلَـائِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾. وقولهُ تعالى :﴿ وَأَقِيمُواْ الصَّـلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَـاةَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ ؛ ظاهرُ الْمُرَادِ.


الصفحة التالية
Icon