قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ قُلْ أَذالِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ﴾ ؛ أي قُلْ أذلكَ العذابُ والسَّعيرُ خيرٌ أم جَنَّةُ الْخُلْدِ التي وُعِدَ الْمُتَقُونَ، وهذا على طريقِ التعجُّب والتبعيدِ لا على طريقِ الاستفهام ؛ لأنه ليس في السعير خيرٌ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ كَانَتْ لَهُمْ جَزَآءً وَمَصِيراً ﴾ ؛ أي كانت الجنَّةُ للمتقينَ جزاءً ومرْجِعاً في الآخرةِ، ﴿ لَّهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ خَالِدِينَ ﴾ ؛ أي لَهم في جنَّةِ الْخُلْدِ ما يشاؤُون، ﴿ كَانَ ﴾ ؛ ذلك الْخُلْدُ، ﴿ عَلَى رَبِّكَ وَعْداً مَّسْئُولاً ﴾ ؛ وذلكَ أم المؤمنين سأَلُوا ربَّهم في الدُّنيا حين قالوا﴿ رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ ﴾[آل عمران : ١٩٤] فقالَ اللهُ تعالى : كان إعطاءُ اللهِ للمؤمنين جنَّةَ الْخُلْدِ وَعْداً وَاجِباً، وذلكَ أمِ المسؤولُ واجبٌ، وإن لَم يُسأَلْ كالدَّين، ونظيرهُ قولُ العرب : أعطيتُكَ ألْفاً وَعْداً مسؤُولاً، يعني أنه واجبٌ لكَ فَسْأَلْهُ. وَقِيْلَ : معنى الوعدِ المسؤولِ : أنَّ الملائكةَ تسألُ لَهم ذلكَ، يقولون﴿ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَّهُمْ ﴾[غافر : ٨].