قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلاَئِكَةَ لاَ بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِّلْمُجْرِمِينَ ﴾ ؛ أعْلَمَ اللهُ تعالى أنَّ الوقتَ الذي يَرَوْنَ فيه الملائكةَ هو يومُ القيامةِ، وأنَّ اللهَ حَرَمَهُمُ البُشْرَى في ذلكَ اليومِ، فقال ﴿ يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلاَئِكَةَ ﴾ يعني يومَ القيامةِ، لاَ بُشْرَى يَوْمَئِذٍ للمشركينَ ؛ أي لا بشَارَةَ لَهم بالجنَّةَ والثوابَ، ﴿ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَّحْجُوراً ﴾ ؛ أي يقولُ الملائكةُ : حَرَاماً مُحَرَّماً أنْ يدخلَ الجنَّة إلاَّ مَن قالَ : لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ.
وَقِيْلَ : يقولُ الملائكة للمجرمينَ :﴿ حِجْراً مَّحْجُوراً ﴾ أي حَرَاماً مُحَرَّماً عليكم البُشْرَى. وَقِيْلَ : حرامٌ عليكم الجنَّةُ. وَقِيْلَ : تقولُ الملائكةُ : حُرِّمَ عليكم سَمَاعُ البُشْرَى حَرَاماً مُحَرَّماً، وكانتِ العربُ إذا أرادَ الرجلُ منهم أن يُحَرِّمَ شيئاً يُطْلَبُ منهُ ؛ قال : حِجْراً مَحْجُوراً ؛ لِيُعْلِمَ السائلَ بذلك أنهُ لا يريدُ أن يفعلَ. والْحَجْرُ في اللغة : هو الْمَنْعُ، ومنهُ الْحَجْرُ على الصبيِّ، ويجوزُ أن يكون مَحْجُوراً مِن قول الكفَّارِ للملائكةِ ؛ أي قالُوا للملائكةِ بُعْداً بَيْنَنَا وبينَكُم. قال مجاهدُ :(يَعْنِي عَوْذاً مَعَاذاً يَسْتَعِيذُونَ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ).