قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ ﴾ ؛ الذُّرِّيَّةُ تكونُ واحداً وجَمعاً، فكونُها الواحد : قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ﴾[آل عمران : ٣٨]، وكونُها للجمعِ قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً ﴾[النساء : ٩]. وقوله تعالى ﴿ قُرَّةَ أَعْيُنٍ ﴾ :﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا ﴾ أرادَ أتقياءَ. وقال مقاتلُ :(مَعْنَاهُ : اجْعَلْهُمْ صَالِحِيْنَ فَنُقَرُّ أعْيُناً بذلِكَ). وقال الحسنُ :(مَا مِنْ شَيْءٍ أقَرَّ لِعَيْنِ الْمُسْلِمِ مِنْ أنْ يَرَى وَلَدَهُ وَوَلَدَ وَلَدِهِ مُطِيْعِيْنَ للهِ).
وقَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً ﴾ ؛ أي يُقتدَى بنا في الخيرِ، والمعنى : اجعلنَا صالِحين نأتَمُّ بمن قَبْلَنَا من المسلمينِ حتى يأتَمَّ بنا مَن بعدَنا. قال الفرَّاءُ :(إنَّمَا قَالَ (إمَاماً) وَلَمْ يَقُلْ : أئِمَّةً كَمَا قَالَ :(إنَّا رَسُولُ رَب الْعَالِمِيْنَ) لِلاثَنَيْنِ، يَعْنِي : إنَّهُ مِنَ الْوَاحِدِ الَّذِي يُرِيْدُ بهِ الْجَمِيْعَ). وفي الحديثِ :" مَنْ رُزقَ إيْمَاناً وَحُسْنَ خُلُقٍ فَذاكَ إمَامُ الْمُتَّقِيْنَ "