قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ ﴾ ؛ الرَّيْعُ : هو المكانُ المرتفعُ. قال ابنُ عبَّاس :(مَعْنَاهُ : أتَبْنُونَ بكُلِّ شَرْفٍ)، وقال مقاتلُ والكلبي والضحَّاك :(أتَبْنُونَ بكُلِّ طَرِيْقٍ آيَةً ؛ أيْ بُنْيَاناً وَعَلَماً مُتَمَيِّزاً عَنْ سَائِرِ الأَبْنِيَةِ، تَعْبَثُونَ بمَنْ يَمُرُّ فِي الطَّرِيْقِ).
والمعنى : بكلِّ طريقٍ، بالموضعِ المرتفع بُنياناً لتُشْرِفُوا على المارَّةِ فتَسْخَرُوا منهم، وتعبَثُوا بهم. وَقِيْلَ : معنى قولهِ (تَعْبَثُونَ) أي تَبْنُونَ ما تستغْنُون عنهُ ولا تسكنونَهُ عَبَثاً منكم، يسمَّى بناؤُهم عَبَثاً ؛ لأنَّهم كانوا يُسْرِفُونَ في البناءِ، فيَبْنُونَ فوقَ الحاجة، ويقصُدون بذلك التفاخرَ والتكاثر، ومن ذلك سُمِّيَ كلُّ لَعِبٍ لا لذةَ فيه عَبَثاً، والذي يكونُ فيه لَذةٌ لَعِباً. وقال الوالبي عن ابنِ عبَّاس :(بكُلِّ رَيْعٍ ؛ أيْ بكُلِّ شَرْفٍ)، وقال قتادةُ والضحَّاك :(بكُلِّ طَرِيْقٍ)، وعن مجاهد :(الرَّيْعُ : الثَّنْيَةُ الصَّغِيْرَةُ)، وَقِيْلَ : المنظرةُ، وقال عكرمة :(بكُلِّ وَادٍ).