قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ ﴾ ؛ أي بلغَ بئْرَهُمْ التي كانوا يَسْقُونَ منها، قال ابنُ عبَّاس :(وَرَدَ مَاءَهُمْ وَأنَّهُ لَيَرَى خُضْرَةَ الشَّجَرَةِ فِي بَطْنِهِ مِنَ الْهُزَالِ). وقولهُ :﴿ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ ﴾ ؛ أي وجَدَ على ذلك الماءِ جماعةً من الناسِ يَسْقُونَ أغنامَهم مواشِيهم، ﴿ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَينِ تَذُودَانِ ﴾ ؛ أي تَحْبسَانِ غنمَهما عن الماءِ حتى تفرغَ الناسُ ويخلو لَهما الماءُ، وهما بنْتَا شُعيب.
والذوْدُ في اللغة : الطَّرْدُ والدفعُ والكَفُّ، ومعنى ﴿ تَذُودَانِ ﴾ تَدْفَعَانِ وتكُفَّان الغنمَ مِن أن يخلطَ بأغنامِ الناس، وحتى يقربَ الماءُ إلى أن يفرغَ القومُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا ﴾ ؛ أي قالَ موسَى لابنَتَي شُعيب :﴿ مَا خَطْبُكُمَا ﴾ أي ما شَأنُكُمَا لا تسقِيَانِ غنمَكُما مع الناسِ ؟ ﴿ قَالَتَا لاَ نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَآءُ ﴾ ؛ قرأ الحسنُ وابن عامر وأبو عمرو بفتح الياء وضَمِّ الدال، جعلُوا الفعلَ للرِّعَاءِ ؛ أي حتى يرجعَ الرِّعَاءُ عنِ الماء، وقرأ الباقون (يُصْدِرُ) بضَمِّ الياءِ وضمِّ الدال ؛ أي حتى يُصْدِرُوا مواشيهم من وردِهم، فيخْلُوا لنا الموضعَ فنَسقِي أغنامَنا فَضْلَ ما في الحوضِ. والرِّعَاءُ جمعُ رَاعٍ.
قال ابنُ اسحقَ :(قَالَتَا : نَحْنُ امْرَأتَانِ لا نَسْتَطِيْعُ أنْ نُزَاحِمَ الرِّجَالَ ﴿ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ﴾ ؛ لا يقدرُ أن يسقِي ماشيتَهُ من الكِبَرِ والضَّعْفِ، وليس له أحدٌ غيرُنا، فلذلك احتَجْنا ونحنُ نساءٌ أن نسقي الغنمَ.


الصفحة التالية
Icon