قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ياأَيُّهَا الْملأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـاهٍ غَيْرِي ﴾ ؛ أي قالَ فرعونُ الخَوَاصِّ قومهِ :﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـاهٍ غَيْرِي ﴾ وهذه إحدَى كَلِمَتَيْهِ اللَّتين أخذهُ الله بهما، والأُخرى قولهُ﴿ أَنَاْ رَبُّكُمُ الأَعْلَى ﴾[النازعات : ٢٤].
وقولهُ تعالى :﴿ فَأَوْقِدْ لِي ياهَامَانُ عَلَى الطِّينِ ﴾ ؛ أي اتَّخِذْ لِي آجُرّاً، ﴿ فَاجْعَل لِّي صَرْحاً ﴾ ؛ أي قَصْراً طَويلاً متَّسِعاً مرتفعاً، ﴿ لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَـاهِ مُوسَى ﴾ ؛ أي أصعدُ إليه، ظَنَّ بجهلهِ أنه يَتَهَيَّأُ له أنْ يبلُغَ بصرحهِ إلى السَّماءِ، وظنَّ أن إلهَ مُوسَى جِسْماً مشاهَداً كما تقولُ الْمُشَبهَةُ، تَعَالَى اللهُ عَنْ ذلِكََ.
قال المفسِّرون : لَمَّا أمرَ فرعونُ وزيرَهُ هامانَ ببناء الصَّرح، جَمَعَ خمسين ألفَ بَنَّاءٍ سِوَى الاتباعِ والأُجَرَاءِ ممن يطبخُ الآجُرَّ والجصَّ، وينحتُ الخشبَ والأبوابَ، ويضربُ المساميرَ. قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾ ؛ أي في ادِّعاء (إلَهاً غَيْرِي) وأنه رسولهُ، وهذا اعترافٌ مِن فرعونَ بالشَّكِّ لأنه شَاكٌّ لا يدري مَن في السَّماء، ولو كان إلَهاً لَمْ يجهَلْ ولَم يشُكَّ، والمبطلُ تظهرُ عليه الْمُنَاقَضَةُ.


الصفحة التالية
Icon