وقولهُ تعالى :﴿ وَلَكِنَّآ أَنشَأْنَا قُرُوناً ﴾ ؛ أي خَلَقْنَا قَرْناً بعدَ قرنٍ، ﴿ فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ ﴾ ؛ أي طَالَتْ عليهم الْمُهَلُ فنَسُوا عهدَ اللهِ، وتركُوا أمرَهُ، وكذبُوا الرُّسُلَ فأهلكناهم قَرْناً بعدَ قرنٍ، وهذا كلامٌ يدلُّ على أنه قد عَهِدَ إلى موسَى وقومه عهوداً في مُحَمَّد ﷺ والإيْمَانِ بهِ، فلما تَطَاوَلَ عليهِمُ الْعُمُرُ، وخُلِقَتِ القرونُ بعدَ القرونِ، وترَكُوا الوفاءَ بها.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَمَا كُنتَ ثَاوِياً ﴾ ؛ أي مُقِيماً ﴿ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ﴾ ؛ كقِيَامِ مُوسَى وشُعيب فيهم، ﴿ تَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ﴾ ؛ أي تذكِّرُهم بالوعدِ والوعيد. قال مقاتلُ :(وَالْمَعْنَى : لَمْ تَشْهَدْ أهْلَ مَدْيَنَ فَتَقْرَأُ عَلَى أهْلِ مَكَّةَ خَبَرَهُمْ كَخَبَرِ مَنْ شَاهَدَهُمْ) ﴿ وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ﴾ ؛ أي أرسلناكَ إلى أهلِ مَكَّةَ، وأنزلَ عليك هذهِ الأخبارَ، ولولاَ ذلك لَمَا علَمْتَها.


الصفحة التالية
Icon