قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ﴾ ؛ فيه تَسْلِيَةٌ للمؤمنينَ، معناهُ : ولقد امْتَحَنَّا الذين مِن قَبْلِهم، ﴿ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾، فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الصادقَ بوقوعِ صِدْقِهِ منه بالصَّبرِ على ما يُؤْمَرُ به، والكاذبَ بوقُوعِ كَذِبٍ منهُ وَالْجَزَعِ والمخالفةِ في القِتَالِ الذي يُؤمَرُ به، فاللهُ تعالى قد عَلِمَ الصادقَ مِن الكاذب قَبْلَ أنْ يخلُقَهم، ولكن القصدَ من الآية قصدُ وُقُوعِ العلمِ بما يُجازَى عليه ؛ لأنَّ عِلْمَ الشَّهادةِ هو الذي يجبُ به الجزاء، فأما عِلْمُ الغيب قَبْلَ وقُوعهِ فلا يحلُّ به الجزاءُ.
وقال ابنُ عبَّاس رضي الله عنه :(وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْهُمْ إبْرَاهِيْمُ الْخَلِيلُ عليه السلام ابْتُلِيَ بالنَّمْرُودِ، وَمِنْهُمْ قَوْمٌ بَعْدَهُ نُشِرُواْ بالْمَنَاشِيْرِ عَلَى دِيْنِ اللهِ فَلَمْ يَرْجِعُواْ عَنْهُ). وقال بعضُهم : يعني بَنِي إسرائيلَ ابْتُلُوا بفرعونَ فكان يسُومُهم سوءَ العذاب.