قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَإِذَا رَكِبُواْ فِي الْفُلْكِ دَعَوُاْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ ؛ يعني المشرِكينَ إذا رَكِبُوا في السَّفينةِ وهَاجَتِ الرياحُ واضطربَتِ الأمواجُ، وخَافُوا الغرقَ والهلاكَ، ﴿ عَوُاْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ أي دَعَوُا اللهَ مُُفْرِدِيْنَ بالدُّعاءِ، وتَرَكُوا شُركاءَهم وأصنامَهم فلا يدعُونَهم لإنجائِهم، ﴿ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ ﴾ ؛ أي فلمَّا خَلَّصَهُمْ من تلك الأهوالِ، وأخرجَهم إلى البرِّ ؛ ﴿ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ * لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ ﴾ ؛ أي عَادُوا إلى شُركائِهم لكي يَكْفُرُوا بما أعطينَاهُم، ﴿ وَلِيَتَمَتَّعُواْ ﴾ ؛ فِي كُفرِهم، ﴿ فَسَوْفَ يَعلَمُونَ ﴾ ؛ جزاءَ فِعْلَتِهِمْ. قال عكرمةُ :(كَانَ أهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ إذا رَكِبُواْ فِي الْبَحْرِ حَمَلُواْ مَعَهُمْ الأَصْنَامَ، فَإذا اشْتَدَّتْ بهِمْ الرِّيْحُ ألْقَواْ تِلْكَ الأَصْنَامَ فِي الْبَحْرِ، وَصَاحُواْ : يَا اللهَ يَا اللهَ).
وَقِيْلَ : إنَّ (اللام) في قوله (لِيَكْفُرُوا) لامُ الأمرِ، ومعناها : التهديدُ والوعيدُ، كقولهِ﴿ اعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ ﴾[فصلت : ٤٠]﴿ وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ ﴾[الإسراء : ٦٤]، وكذلك عَقَّبَهُ بقولهِ، ﴿ فَسَوْفَ يَعلَمُونَ ﴾.