قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ فَلَمَّا جَآءَهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ ﴾ ؛ معناهُ : فلما جاءَ موسَى إلى النار التي رَآها نُودِيَ نداءَ الوحي : أنْ بُوركَ مَنْ فِي طلب النار وهو مُوسَى، ﴿ وَمَنْ حَوْلَهَا ﴾ من الملائكةِ. وهذه تحيَّةٌ مِن الله لِموسى بالبركةِ كما حَيَّا إبراهيمَ بالبركةِ على ألْسِنَةِ الملائكةِ حين دخَلُوا عليه، فقالُوا : رَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أهْلَ الْبَيْتِ.
وَقِيْلَ : المرادُ بالنار هو النُّورُ، وذلك أن موسَى رأى نُوراً عَظِيماً، ولذلك ذكرهُ بلفظ النار، ومَن في النار هم الملائكةُ ؛ لأن النورَ الذي رآهُ موسى كان فيه ملائكةٌ لَهُمْ زَجَلٌ بالتسبيحِ والتقديس، ومَنْ حَوْلَهَا هو موسَى ؛ لأنه كان بالقُرْب منها ولَم يكن فيها. وأهلُ اللغة يقولونَ : بُوركَ فُلاَنٌ ؛ وَبُوركَ فِيْهِ ؛ وَبُوركَ لَهُ وَعَلَيْهِ، بمَعنى واحدٍ. والمرادُ بالبركةِ ها هنا ما نَالَ مُوسَى من كرامةِ الله له بالنبوَّة.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ ؛ كلمة تَنْزِيْهٍ عمَّا تَظُنُّ الْمُشَبهَةُ أنَّ اللهَ تعالى كان في تلك النار، تَعَالَى اللهُ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبيْراً.