قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَاْ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلاَ يَرْبُواْ عِندَ اللَّهِ ﴾ ؛ أي ما تعاطيتُم مِن عقدِ الرِّبَا رجاءَ أن تزيدُوا أموالَكم فلا يزيدُ في حُكْمِ اللهِ، وعلى الآخذِ أن يَرُدَّهُ على المأخوذِ منهُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى :﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَاواْ ﴾[البقرة : ٢٧٦].
قرأ ابنُ كثيرٍ (أتَيْتُمْ) مقصوراً غيرَ ممدودٍ. وقولهُ تعالى (لِيَرْبُوَا)، قرأ الحسنُ ونافع :(لِتُرْبُو) بتاءٍ مضمومةٍ وجزمِ الواو على الخطاب ؛ أي لتُرْبُو أنتُم، وقرأ الباقونَ (لِيَرْبُوَا) بياءٍ مفتوحة ونصب الواو، وجعلوا الفعلَ للرِّبَا.
وقولهُ تعالى :﴿ وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ ﴾ ؛ أي ما أعطيتُم من صدقةٍ تريدون بها رضَا اللهِ، ﴿ فَأُوْلَـائِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ﴾ ؛ الذين يُضَاعَفُ لَهم في العاجلِ والآجلِ، يقالُ : رجلٌ مُضْعِفٌ ؛ أي ذُو أضْعَافٍ كما يقالُ : رجلٌ مُقَوِّي ذو قوَّةٍ، وموسِرٌ ؛ أي صاحبُ يَسَارٍ.
وعن ابنِ عبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا في قولهِ تعالى ﴿ وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن رِّباً ﴾ :(الرِّبَا هَا هُنَا هُوَ هِبَةُ الرَّجُلِ لِصَاحِبهِ يُرِيْدُ أنْ يُثَابَ أفْضَلَ مِنْهُ). وقال السديُّ :(هُوَ الْهَدِيَّةُ يُهْدِيْهَا الرَّجُلُ لأَخِيْهِ يَطْلُبُ الْمُجَازَاةَ، فَإنَّْ ذلِكَ لاَ يَرْبُو عِنْدَ اللهِ، وَلاَ يُؤْجَرُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ وَلاَ إثْمَ عَلَيْهِ)، وقال الزجَّاجُ :(هُوَ دَفْعُ الإنْسَانِ الشَّيْءَ لِيُعَوَّضَ مَا هُوَ أكْبَرُ مِنْهُ، وَذلِكَ لَيْسَ بحَرَامٍ وَلَكِنَّهُ لاَ ثَوَابَ فِيْهِ ؛ لأَنَّ الَّذِي يُهْدِيْهِ يَسْتَدْعِي مَا هُوَ أكْثَرُ مِنْهُ، وَإنَّمَا يَرْبُو عِنْدَ اللهِ هُوَ الْعَطِيَّةُ الَّتِي لاَ يُطْلَبُ بهَا الْمُكَافَأَةَ، وَلاَ يُرَادُ بهَا إلاَّ رضَا وَجْهِ اللهِ).


الصفحة التالية
Icon