قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ ﴾ ؛ أي تَوَاضَع ولا تتبختَر، وليكن مشيُكَ قَصْداً لا تبختُراً ولا إسراعاً. قال ﷺ :" سُرْعَةُ الْمَشْيِ تَذْهَبُ بَهَاءَ الْمُؤْمِنِ " يقالُ : قَصَدَ فلانٌ في مشيتهِ إذا مشَى مُستوِياً، وقال مقاتلُ :(لاَ تَخْتَلْ فِي مِشْيَتِكَ)، وقال عطاءُ :(قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ ﴾ أيْ امْشِ بالْوَقَارِ وَالسَّكِيْنَةِ) كقولهِ تعالى :﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَـانِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً ﴾[الفرقان : ٦٣]، والمعنى : اقصِدْ في الْمَشْيِ، لا تعجَلْ ولا تَمشِ بالْهُوَيْنَا.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ﴾ ؛ أي اخفِضْ صوتَكَ ولا ترفعْهُ على وجهِ انتهار النَّاس وإظهار الاستخفافِ بهم، وقال عطاءُ :(مَعْنَاهُ : اغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إذَا دَعَوْتَ وَنَاجَيْتَ رَبَّكَ)، وكذلك وصيَّةُ الله تعالى في الإنجيلِ لعِيسَى عليه السلام : مُرْ عِبَادِي يَخْفِضُوا أصْوَاتَهُم إذا دَعَونِي، فإنِّي أسمعُ وأعلَمُ ما في قلوبهم.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ﴾ ؛ أي أقبحُ الأصواتِ صوتُ الحميرِ ؛ لأن أوَّلَهُ زفيرٌ وآخرهُ شهيقٌ. قال ابن زيدٍ :(لَوْ كَانَ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ خَيْراً مَا جَعَلَهُ اللهُ لِلْحَمِيْرِ)، وعن أُمِّ سعدٍ قالت : قال رسولُ اللهِ ﷺ :" إنَّ اللهَ تَعَالَى يَبْغَضُ ثَلاَثَةَ أصْوَاتٍ : نَهِيْقُ الْحِمَار، وَنُبَاحُ الْكَلْب، وَالدَّاعِيَةُ بالْوَيْلِ وَالْحَرْب " وقال سُفيان :(صِيَاحُ كُلِّ شَيْءٍ تَسْبيحُهُ اللهَ إلاَّ الْحِمَارُ فَإنَّهُ يَنْهَقُ بلاَ فَائِدَةٍ).