وقولهُ تعالى :﴿ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ﴾ ؛ قرأ نافع وأهل الكوفة :(خَلَقَهُ) بفتحِ اللام على الفعل ؛ أي أحكمَ كلَّ شيء مما خلَقهُ. وقرأ الباقون :(خَلْقَهُ) بسكون اللام ؛ أي أحسنَ خلقَ كلِّ شيء، فيكون نصبُ قوله :(خَلْقَهُ) على البدلِ. وقال مقاتلُ :((مَعْنَاهُ : الَّذِي عَلِمَ كَيْفَ يَخْلُقُ الأَشْيَاءَ مِنْ غَيْرِ أنْ يُعْلِّمَهُ أحَدٌ)). وقال السديُّ :((أحْسَنَهُ : لَمْ يُعَلِّمْهُ مِنْ أحَدٍ)).
قِيْلَ : إنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا طوَّل رجل البهيمةِ والطير، طوَّل عُنقَهُ لئلا يتعذرَ عليه تناولُ قُوتِه من الأرض، ولو لم يطوِّل عنُقه لما نالَ معيشته.
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِن طِينٍ ﴾ ؛ يعني آدمَ عليه السلام كان أول طيناً، ﴿ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ ﴾ ؛ أي ذرِّيته، ﴿ مِن سُلاَلَةٍ مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ ﴾ ؛ أي من قليلٍ من الماء ينسَلُّ من صُلب الرجل وترائب المرأة، وهي النطفةُ، ووصفَها بالـ (مُهِينٍ) لأنه لا خطرَ له عند الناسِ. وسُميت سُلالةً لأنَّها تَنْسَلُّ من الإنسانِ ؛ أي تخرجُ. والهيِّنُ هو الضعيفُ.


الصفحة التالية
Icon