قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ﴾ ؛ أي ترفعُ لأجلِ الصلاة، قال مجاهد :((هُمُ الَّذِينَ لاَ يَنَامُونَ حَتَّى يُصَّلُّوا الْعِشَاءَ الآخِرَةَ)). والمضاجِعُ : هي الفُرُشُ التي يضطَجِعون عليها للنومِ، واحدُها مَضْجِعٌ.
وعن أنسٍ رضي الله عنه قال :((نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِينَا مَعَاشِرَ الأَنْصَار، حَتَّى كُنَّا نُصِلِّي الْمَغْرِبَ فَلاَ نَرْجِعُ حَتَّى نُصِلِّي الْعِشَاءَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم)). ورُوي : أنَّ امرأةً جاءت إلى أنسِ بن مالك فقالت : إنِّي أنامُ قبلَ العشاءِ، فقال :((لاَ تَنَامِي ؛ فَإنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ لاَ يَنَامُونَ قَبْلَ الْعِشَاءِ، تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ)).
وقال الحسنُ :((المُرَادُ بالآيَةِ قِيَامُ اللَّيْلِ وَالتَّجَهُّدُ))، وكان يقولُ :((هُمْ قَوْمٌ أخْفُوا للهِ تَعَالَى عَمَلاً، وَأخْفَى لَهُمْ ثَوَاباً)).
وعن النبيِّ ﷺ أنه قالَ :" عَلَيْكُمْ بقِيَامِ اللَّيْلِ، فَإنَّهُ دَأبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَإنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ قُرْبَةٌ إلَى اللهِ تَعَالَى، وَمُنْهَاةٌ عَنِ الإثْمِ، وَتَكْفِيرٌ للِسَّيِّئَاتِ، وَمَطْردَةُ للدَّاءِ عَنِ الْجَسَدِ " وقال الضحَّاك :((هُوَ أنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ الْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ)).
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً ﴾ ؛ أي خَوفاً من عذاب الله وطَمعاً في رحمةَِ الله. وانتصبَ (خَوْفاً) و(طَمَعاً) لأنه مفعولٌ له. وقولهُ تعالى :﴿ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ﴾ ؛ أي ومما أعطَيناهم من المالِ يتصدَّقون واجباً وتطوُّعاً.