قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَيَقُولُونَ مَتَى هَـاذَا الْفَتْحُ ﴾ ؛ وذلك أن كفارَ مكة كانوا يُؤذون أصحابَ رسول الله ﷺ، وكان أصحابُ رسولِ الله ﷺ يقولون : يوشِكُ أن يكون لنا يومٌ نستريحُ فيه من شِركهم، فكان الكفارُ يهزَءون بهم ويقولون : متى هذا الفتحُ ؛ أي الحكمُ الذي بيننا وبينكم، ﴿ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾ ؛ فيما تقولُون.
والمعنى : أنَّ كفارَ مكة يقولون : متى هذا الفتحُ ؛ أي القضاءُ وهو يوم البعثِ، يقضي فيه اللهُ بين المؤمنين والكافرين.
فقالَ اللهُ تعالى :﴿ قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ ﴾ ؛ يعني يومَ القيامة ويومَ القضاءِ والفصل، ﴿ لاَ يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِيَمَانُهُمْ ﴾ ؛ لو آمَنُوا يومئذٍ، ﴿ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ ﴾ ؛ أي ولا هم يُمهَلون، ولا يؤخَّرون لمعذرةٍ أو توبة، ولا تؤخَّرُ عنهم عقوبتُهم.
وعن ابنِ عبَّاس في هذه الآيةِ :((الْمُرَادُ بالْفَتْحِ فَتْحُ مَكَّةَ، وَأنَّ الآيَةِ نَزَلَتْ فِي بَنِي خُزَيْمَةَ، كَانُوا هُمُ الَّذِينَ يَسْتَهْزِئُونَ بأَصْحَاب النَّبيِّ ﷺ " حِينَ كَانَ أصْحَابُ النَّبيِّ ﷺ يَتَذَاكَرُونَ وَهُمْ بمَكَّةَ فَتْحَ مَكَّةَ لَهُمْ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ تَكَلَّمَتْ بَنُو خُزَيْمَةَ بكَلِمَةِ الإسْلاَمِ، فَقَتَلَهُمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُمْ إسْلاَمَهُمْ)) وَكَانَ النَّبيُّ ﷺ يَقُولُ :" اللَّهُمَّ إنِّي أبْرَأُ إلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدُ " ".