قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ يَحْسَبُونَ الأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُواْ ﴾ أي يَظُنُّ المنافقونَ مِن جُبْنِهم وخُبْثِهم أنَّ الأحزابَ لَم يذهَبُوا إلى مكَّة وقد ذهبُوا، ﴿ وَإِن يَأْتِ الأَحْزَابُ ﴾ ؛ في المرَّة الثانيةِ ؛ أي يرجِعُون إلى القتالِ، ﴿ يَوَدُّواْ لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الأَعْرَابِ ﴾ ؛ داخلونَ في الباديةِ معَ الأعراب، ﴿ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنبَآئِكُمْ ﴾ ؛ أي يَتَمَنَّوْنَ لو كانوا في باديةٍ بالبُعْدِ منكُم، يسألونَ عن أخباركم يقولونَ : مَا فَعَلَ مُحَمَّدٌ وأصْحَابُهُ؟! فيعرفُون حالَكم بالاستخبار لا بالمشاهدةِ. والمعنَى بسُؤالِهم : أنه إذا كان الظَّفَرُ لكم شارَكُوكم، وإنْ كان للمشركين شارَكُوهم، كلُّ هذا مِن الْخَوْفِ وَالْجُبْنِ. قرأ يعقوبُ (يَسَّاءَلُونَ) بالتشديد والمدِّ، بمعنى يَتَسَاءَلُونَ ؛ أي يَسأَلُ بعضُهم بعضاً عن أخباركم، ﴿ وَلَوْ كَانُواْ فِيكُمْ مَّا قَاتَلُواْ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ ؛ لو كانَ هؤلاءِ المنافقونَ فيكم ما قَاتَلُوا إلاَّ رَمْياً بالحجارةِ من غير احتسابٍ.


الصفحة التالية
Icon