قَوْلُهُ تََعَالَى :﴿ تُرْجِي مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَآءُ ﴾، معناه : تؤخِّرُ مَن تشاءُ من فراشِكَ من نسائك، وتضمُّ إلى فراشِكَ مَن تشاءُ منهن من غير حرجٍ عليك. وهذا من خصائصِ النبيِّ ﷺ تفضيلاً له، أُبيح له أن يجعلَ لِمَن أحبَّ منهن يوماً أو أكثرَ، ويعطِّلُ مَن شاء منهنَّ فلا يأتيها. وكان القَسْمُ واجباً على النبيِّ ﷺ والتسويةُ بينهن، فلما " نزَلت " هذه الآيةُ سقطَ الوجوبُ، وصار الاختيار إليه فيهن. قال منصورُ عن أبي رَزين :(وَكَانَ مِمَّنْ آوَى عَائِشَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ وَزَيْنَبُ وَحَفْصَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُنَّ، وَكَانَ يُسَوِّي بَيْنَهُنَّ فِي الْقَسْمِ، وَكَانَ مِمَّنْ أرْجَى سَوْدةُ وَجُوَيْرِيَّةُ وَصَفِيَّةُ وَأُمُّ حَبيبَةَ وَمَيْمُونَةَ، وَكَانَ يَقْسِمُ لَهُنَّ مَا شَاءَ، وَكَانَ قَدْ أرَادَ أنْ يُفَارقَهُنَّ، فَقُلْنَ لَهُ : اقْسِمْ لَنَا مَا شِئْتَ مِنْ نَفْسِكَ، وَدَعْنَا عَلَى حَالِنَا).
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ ﴾، معناهُ : إنْ أردتَ أن تُؤوي إليك امرأةً ممن عزَلتهُنَّ من القسمةِ وتضمَّها إليه، فلا عتبَ عليك ولا لَوْمَ.
وقَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ ذَلِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلاَ يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَآ آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ ﴾، أي ذلك التخييرُ الذي خيَّرتك في صُحبَتهنَّ أدنى إلى رضاهن إذا كان ذلك مُنَزَّلاً مِن الله عليك، ويرضيهنَّ كلُّهن بما أعطيتهن من تقريبٍ وإرجاء وإيواءٍ. قال قتادةُ :(إذا عَلِمْنَ أنَّ هَذا جَاءَ مِنَ اللهِ لِرُخْصَةٍ، كَانَ أطْيَبَ لأَنْفُسِهِنَّ وَأقَلَّ لِحُزْنِهِنَّ).
قَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قلُوبِكُمْ ﴾، واللهُ يعلَمُ ما في قلوبكم من أمر النساء والميلِ إلى بعضِهنَّ، ويعلمُ ما في قلوبكم من الرِّضا والسُّخط وغيرِ ذلك، ﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً ﴾، بمصالحِ العباد، ﴿ حَلِيماً ﴾، على جهلِهم ولا يعاقبُهم بكلِّ ذنبٍ.


الصفحة التالية
Icon